الجنين في الأسبوع السابع عشر: رحلة نموه وتطوره
يعد الأسبوع السابع عشر من الحمل مرحلة مهمة في نمو الجنين، حيث يستمر في تطور سريع وتغيرات ملحوظة. في هذا الأسبوع، يكون الجنين قد قطع شوطًا كبيرًا في نموه، وتبدأ ملامحه في التحديد بشكل أكبر. بالنسبة للأم، قد تبدأ بعض التغيرات الفسيولوجية التي تشير إلى اقتراب مرحلة جديدة في الحمل، مثل الشعور بحركة الجنين في بطنها. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل التغيرات التي يمر بها الجنين في الأسبوع السابع عشر، مع التركيز على تطور أعضاءه، بالإضافة إلى التغيرات التي تحدث في جسم الأم.
النمو الجسدي للجنين في الأسبوع السابع عشر
بحلول الأسبوع السابع عشر من الحمل، يبدأ الجنين في الظهور أكثر وضوحًا، ويكتسب وزنًا وطولًا بشكل ملحوظ. قد يتراوح طوله ما بين 12 إلى 14 سم من الرأس إلى أسفل الظهر، بينما يتراوح وزنه بين 140 و150 جرامًا تقريبًا. وعلى الرغم من أن الجنين لا يزال صغيرًا نسبيًا مقارنة بنهاية الحمل، إلا أنه يحقق تقدمًا كبيرًا في تطوره.
1. الجلد والشعر
في هذا الأسبوع، يبدأ جلد الجنين في أن يصبح أكثر سمكًا، لكن ما يزال شفافًا بعض الشيء. تتشكل طبقات الجلد بشكل تدريجي، وتبدأ بصيلات الشعر في النمو. لا يزال الشعر ناعمًا وغير مرئي في معظم الحالات، لكنه يبدأ في تشكيل نفسه ببطء، ومن المتوقع أن يصبح أكثر كثافة مع مرور الأسابيع المقبلة. كما أن الجنين يبدأ في تكوين طبقة دهنية رقيقة تُسمى “الزهم”، التي تعمل على حماية بشرته من السوائل المحيطة به في الرحم.
2. تطور العضلات والحركة
تستمر عضلات الجنين في النمو بشكل ملحوظ خلال الأسبوع السابع عشر، مما يتيح له مزيدًا من القوة لتحريك أطرافه. في هذا الوقت، يمكن أن تبدأ الأم في الشعور بحركات الجنين بشكل متقطع، حيث يطلق عليه البعض “الركلات الأولى”. قد تكون هذه الحركات غير منتظمة أو ضعيفة في البداية، ولكن مع مرور الوقت تصبح أقوى وأوضح. يتحرك الجنين بشكل مستمر في الرحم، مما يساعد في تقوية عضلاته وتهيئته للحياة بعد الولادة.
3. أجهزة الجسم الداخلية
تبدأ الأجهزة الداخلية للجنين في أن تعمل بشكل أكثر كفاءة. في الأسبوع السابع عشر، يبدأ الكبد في إنتاج الصفراء، وهي مهمة في عملية هضم الدهون. كما يبدأ البنكرياس في إنتاج الأنسولين، مما يساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم. بالإضافة إلى ذلك، تبدأ الكليتان في إفراز البول، مما يساهم في نمو السائل الأمنيوسي الذي يحيط بالجنين. يمكن أن تظهر هذه التفاعلات الداخلية بشكل واضح خلال فحوصات الأشعة الصوتية.
4. التطور الحسي للجنين
تبدأ الحواس الأساسية لدى الجنين في التطور بشكل أكبر خلال هذا الأسبوع. يمكن للجنين الآن تمييز الأصوات بشكل ضعيف، حيث يبدأ جهازه السمعي في التشكّل، ويستجيب للأصوات المحيطة، بما في ذلك صوت ضربات قلب الأم. وعلى الرغم من أن الجنين لا يستطيع سماع الأصوات بشكل كامل كما سيفعل بعد الولادة، إلا أن أذنه الداخلية تبدأ في الاستجابة للأصوات على مستوى أساسي. كما أن الجنين يبدأ في تحريك فمه وشفتيه بشكل متكرر، وهو ما يعد تمهيدًا لتطوير القدرة على الرضاعة بعد الولادة.
5. تشكّل جهاز الدورة الدموية
يستمر القلب في النمو بشكل كبير، وقد أصبح قادرًا على ضخ الدم بشكل منتظم ومؤثر. في هذا الوقت، يمكن أن يُسمع دقات قلب الجنين باستخدام جهاز الموجات فوق الصوتية أو باستخدام جهاز الدوبلر. تصبح الدورة الدموية أكثر كفاءة، مع تدفق الدم إلى جميع أنحاء الجسم، مما يساعد في تغذية الأنسجة والأعضاء النامية.
التغيرات في جسم الأم خلال الأسبوع السابع عشر
يحدث أيضًا العديد من التغيرات في جسم الأم خلال هذا الأسبوع. قد تبدأ بعض النساء في ملاحظة تغييرات في شكل بطنهن نتيجة نمو الجنين، بينما قد تظهر تغييرات أخرى في مستوى الطاقة والمزاج. من الناحية الفسيولوجية، يعتبر الأسبوع السابع عشر مرحلة انتقالية في الحمل، حيث تبدأ الأعراض المبكرة في التراجع مع استعداد الجسم لمواكبة تطور الحمل في مراحله اللاحقة.
1. الحجم وتغيرات في البطن
مع تقدم الحمل، تبدأ الأم في ملاحظة بروز بطنها بشكل أكثر وضوحًا. في الأسبوع السابع عشر، يصبح بطن الأم أكثر بروزًا، وهو ما يمكن أن يكون علامة على أن الجنين في طور النمو السريع. قد تشعر الأم أيضًا بثقل أو ضغط في منطقة الحوض مع توسع الرحم لتوفير مساحة للجنين. في بعض الحالات، قد تلاحظ الأم بعض التمددات الجلدية (السترتش مارك) نتيجة لتمدد الجلد بسرعة.
2. زيادة في حجم الثدي
يتزايد حجم الثدي لدى الأم في هذا الأسبوع استعدادًا لإنتاج الحليب بعد الولادة. يبدأ الثدي في إفراز سائل لزج يُسمى اللبأ، وهو سائل غني بالعناصر الغذائية والمضادات الحيوية التي ستغذي الجنين بعد ولادته. قد تشعر الأم بحساسية في الثدي أو ألم في المنطقة المحيطة بالحلمات نتيجة للتغيرات الهرمونية المستمرة.
3. التغيرات الهرمونية
تستمر الهرمونات في التأثير على الجسم في هذه المرحلة من الحمل. مستويات هرمون البروجستيرون تستمر في الارتفاع، مما يساعد في الحفاظ على الحمل. كما يزداد إنتاج هرمون الاستروجين، الذي يساهم في زيادة تدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية والمشيمة. هذا الارتفاع في الهرمونات يمكن أن يؤدي إلى تغيرات مزاجية، حيث قد تشعر الأم ببعض الاضطرابات العاطفية مثل التوتر أو السعادة الزائدة.
4. مشاكل هضمية محتملة
قد تواجه بعض النساء في هذا الأسبوع بعض المشاكل الهضمية مثل الانتفاخ أو الإمساك. هذه المشكلات تحدث نتيجة لتأثير هرمونات الحمل التي تبطئ من حركة الجهاز الهضمي، مما يؤدي إلى تراكم الغازات وصعوبة في الهضم. من المهم أن تحرص الأم على تناول الأطعمة الغنية بالألياف وشرب كميات كبيرة من الماء لتجنب هذه المشاكل.
5. الزيادة في الوزن
زيادة الوزن تكون ملحوظة أيضًا في هذا الأسبوع، حيث يبدأ الجسم في اكتساب الوزن نتيجة لنمو الجنين وزيادة حجم السوائل في الجسم. يوصى بأن تراقب الأم زيادة الوزن بشكل منتظم لضمان أن تكون الزيادة ضمن المعدلات الطبيعية التي يوصي بها الأطباء.
الفحوصات التي يمكن إجراؤها في الأسبوع السابع عشر
في الأسبوع السابع عشر من الحمل، يمكن إجراء عدة فحوصات طبية للاطمئنان على صحة الجنين وصحة الأم. تشمل هذه الفحوصات عادةً:
1. الفحص بالموجات فوق الصوتية
يمكن أن يُجرى فحص الموجات فوق الصوتية في هذا الأسبوع للتأكد من تطور الجنين بشكل طبيعي. يساعد هذا الفحص في قياس طول الجنين، وتحديد وضعه في الرحم، وفحص صحة قلبه وأعضائه الحيوية. بالإضافة إلى ذلك، قد يتمكن الطبيب من تحديد جنس الجنين في هذا الأسبوع، على الرغم من أنه قد يكون في بعض الحالات غير واضح تمامًا.
2. اختبارات الدم
يُحتمل أن يوصي الطبيب بإجراء اختبارات دم للتحقق من مستويات الهرمونات، ومستويات الحديد، وفحص احتمالية وجود أي مشاكل صحية مثل فقر الدم أو السكري.
3. الفحص الجيني
في بعض الحالات، قد يُوصي الطبيب بإجراء فحص جيني للكشف عن أي حالات وراثية قد تؤثر على الجنين. يمكن أن تشمل هذه الاختبارات تشخيص بعض الأمراض الوراثية أو التشوهات الخلقية.
الخاتمة
يعد الأسبوع السابع عشر من الحمل مرحلة محورية في تطور الجنين ونموه. فهو يشهد تطورًا ملحوظًا في الأعضاء الحيوية، بداية من تطور الجلد والشعر، وصولًا إلى تشكيل جهازه الهضمي والدورة الدموية. في الوقت نفسه، يشهد جسم الأم العديد من التغيرات الفسيولوجية التي تساعده على التكيف مع الحمل بشكل أفضل. بشكل عام، يعد هذا الأسبوع من الأسابيع المثيرة والمليئة بالتطورات التي تضمن استعداد الجنين للحياة خارج الرحم في الأسابيع القادمة.
